موضوع: اسماء الله الحسنى ((الجزء التاسع)) الإثنين مايو 05, 2008 10:50 am
المؤمن
الذي أثنى على نفسه بصفات الكمال ، وبكمال الجلال والجمال ، الذي أرسل رسله ، وأنزل كتبه بالآيات والبراهين ، وصدق رسله بكل آية وبرهان ، يدل على صدقهم وصحة ما جاءوا به .
المهيمن
المطلع على خفايا الأمور ، خبايا الصدور ، الذي أحاط بكل شئ علماً ، وقال البغوي : الشهيد على عباده بأعمالهم وهو قول ابن عباس ومجاهد وغيرهما يقال : هيمن يهيمن فهو مهيمن إذا كان رقيباً على الشي .
المحيط
قال الله تعالى : ( ولله ما في السموات وما في الأرض بكل شئ محيطاً) وقال عز وجل ( وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئاً إن الله بما يعملون محيط ) . وهو الذي أحاط بكل شئ علماً ، وقدره ورحمة،وقهراً وقد أحاط علمه بجميع المعلومات ، وبصره بجميع المبصرات ، وسمعه بجميع المسموعات ، ونفذت مشيئته وقدرته بجميع الموجودات ، ووسعت رحمته أهل الأرض والسموات ، وقهر بعزته كل مخلوق ودانت له جميع الأشياء .
المقيت
قال الله تعالى : ( وكان الله على كل شئ مقيتاً ) فهو سبحانه الذي أوصل إلى كل موجود ما به يقتات ، وأوصل إليها أرزاقها وصرفها كيف يشاء ، بحكمته وحمده . قال الراغب الأصفهاني : القوت ما يمكن الرمق وجمعه: أقوات قال الله تعالى : ( وقدر فيها أقواتها ) وقاته يقوته قوتاً : أطعمه قوته ، وأقاته يقته جعل له ما يقوته وفي الحديث (كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت) قال تعالى : ( وكان الله على كل شئ مقيتاً ) قبل : مقتدراً ، وقيل : شاهداً ، وحقيبته قائماً عليه يحفظه ويقيته ، وقال في القاموس المحيط : المقت : الحافظ للشئ ، والشاهد له والمقتدر ، كالذي يعطي كل أحد قوته ، وقال بن عباس رضي الله عنهما : مقتدراً أو مجازياً ، وقال مجاهد : شاهداً وقال قتادة حافظاً وقيل : معناه على كل حيوان مقيتاً : أي يوصل القوت إليه ، وقال ابن كثير ( وكان الله على كل شئ مقيتاً ) أي حفيظاً ، وقال مجاهد : شهيداً ، وفي رواية عنه : حسيباً ، وقيل : قديراً ، وقيل : المقيت الرازق ، وقيل مقيت لكل إنسان بقدر عمله .
الوكيل
قال الله تعالى : ( الله خالق كل شئ وهو على كل شئ وكيل ) فهو سبحانه المتولي لتدبير خلقه ، بعلمه ، وكمال قدرته ، وشمول حكمته ، الذي تولى أوليائه ، فيسرهم لليسرى ، وجنبهم العسرى ، وكفاهم الأمور . فمن اتخذه وكيلاً كفاه ( الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور ) .
ذو الجلال والإكرام
أي : ذو العظمة والكبرياء ، وذو الرحمة ، والجود ، والإحسان العام والخاص. المكرم لأوليائه وأصفيائه ، الذين يجلونه ، ويعظمونه ، ويحبونه ، قال الله تعالى : ( تبارك اسم ربك ذي الجلال والإكرام ) .
جامع الناس ليوم لاريب فيه
قال الله تعالى : ( ربنا إنك جامع الناس ليوم لا ريب فيه إن الله لا يخلف الميعاد) فالله سبحانه وتعالى هو جامع الناس وجامع أعمالهم وأرزاقهم ، فلا يترك منها صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها . وجامع ما تفرق واستحال من الأموات الأولين والآخرين ، بكمال قدرته ، وسعة علمه .
الحق
الله عز وجل هو الحق في ذاته وصفاته . فهو واجب الوجود ، كامل الصفات والنعوت ، وجوده من لوازم ذاته . ولا وجود لشئ من الأشياء إلا به فهو الذي لم يزال ، بالجلال ، والجمال ، والكمال موصوفاً . ولم يزل ولا يزال بالإحسان معروفاً . فقوله حق ، وفعله ، حق ، ولقاؤه حق ، ورسله حق ، وكتبه حق ، ودينه هو الحق ، وعبادته وحده لا شريك له ، هي الحق ، وكل شئ ينسب إليه ، فهو حق . (ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه هو الباطل ، وأن الله هو العلي الكبير) . ( وقل الحق من ربكم ، فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ) (فذلكم الله ربكم الحق فماذا بعد الحق إلا الضلال ) (وقل جاء الحق وزهق الباطل ، إن الباطل كان زهوقاً) وقال الله تعالى ( يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق ويعلمون أن الله هو الحق المبين) فأوصافه العظيمة حق ، وأفعاله هي الحق ، وعبادته هي الحق ، ووعده حق ، ووعيده وحسابه هو العدل الذي لا جور فيه .
الجميل
صلى الله عليه وسلم ( إن الله جميل يحب الجمال) فهو سبحانه جميل بذاته ، وأسمائه ، وصفاته ، وأفعاله ، فلا يمكن مخلوقاً أن يعبر عن بعض جمال ذاته ، حتى أن أهل الجنة مع ما هم فيه من النعيم المقيم واللذات والسرور والأفراح التي لا يقدر قدرها إذا رأوا ربهم وتمتعوا بجماله نسوا ما هم فيه من النعيم ، وتلاشى ما هم فيه من الأفراح ، وودوا أن لو تدوم هذه الحال ، واكتسبوا من جماله ونوره جمالاً إلى جمالهم ، وكانت قلوبهم في شوق دائم ونزوع إلى رؤية ربهم ويفرحون بيوم المزيد فرحاً تكاد تطير له القلوب ، وكذلك هو الجميل في أسمائه ، فإنها كلها حسنى بل أحسن الأسماء على الإطلاق وأجملها ، قال تعالى ( ولله الأسماء الحسنى فأدعوه بها ) وقال تعالى (هل تعلم له سمياً ) فكأنها دالة على غاية الحمد والمجد والكمال ، لا يسمى باسم منقسم إلى كمال وغيره ، وكذلك هو الجميل في أوصافه ، فإن أوصافه كلها أوصاف كمال ونعوت ثناء وحمد ، فهي أوسع الصفات وأعمها وأكثرها تعلقاً ، خصوصاً أوصاف الرحمة ، والبر ، والكرم ، والجود ، وكذلك أفعاله كلها جميلة ، فإنها دائرة بين أفعال البر والإحسان التي يحمد عليها ويثني عليه ويشكر ، وبين أفعال العدل التي يحمد عليها لموافقتها للحكمة والحمد ، فليس في أفعاله عبث ، ولا سفه ، ولا سدى ، ولا ظلم ، كلها خير ، وهدى ورحمة ، ورشد ، وعدل ( إن ربي على صراط مستقيم) فلكماله الذي لا يحصى أحد عليه به ثناء كملت أفعاله كلها فصارت أحكامه من أحسن الأحكام ، وصنعه وخلقه أحسن خلق وصنع : أتقن ما صنته (صنع الله الذي أتقن كل شئ) وأحسن ما خلقه (الذي أحسن كل شئ خلقه) ( ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون) والأكوان محتوية على أصناف الجمال ، وجمالها من الله تعالى فهو الذي كساها الجمال وأعطاها الحسن ، فهو أولى منها لأن معطي الجمال أحق بالجمال ، فكل جمال في الدنيا والآخرة باطني وظاهري خصوصاً ما يعطيه المولى لأهل الجنة من الجمال المفرط في رجالهم ونسائهم ، فلو بدأ كف واحدة من الحور العين إلى الدنيا ، لطمس ضوء الشمس كما تطمس الشمس ضوء النجوم ، أليس الذي كساهم ذلك الجمال الذي ليس كمثله شئ فهذا دليل عقلي واضح مسلم المقدمات على هذه المسألة العظيمة وعلى غيرها من صفاته ، قال تعالى (ولله المثل الأعلى) فكل ما وجد في المخلوقات من كمال لا يستلزم نقصاً ، فإن معطيه وهو الله أحق به من المعطي بما لا نسبة بينه وبينهم ، كما لا نسبة لذواتهم إلى ذاته وصفاتهم إلى صفاته ، فالذي أعطاهم السمع والبصر والحياة والعلم والقدرة والجمال أحق منهم بذلك ، وكيف يعبر أحد عن جمــاله وقــد قال أعلم الحق به : ( لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنين على نفسك) . (وقال صلى الله عليه وسلم وحجابه النور لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه) فسبحان الله وتقدس عما يقولوه الظالمون النافون لكماله علواً كبيراً ، وحسبهم مقتاً وخساراً أنهم حرموا من الوصول إلى معرفته والابتهاج بمحبته . قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح (لا أحد أصبر على أذى سمعه من الله ، يجعلون له الولد وهو يعافيهم ويرزقهم) وقال أيضاً في الصحيح : قال الله تعالى : ( كذبني ابن آدم ولم يكن له ذلك . وشتمني ابن آدم ولم يكن له ذلك ، فأما تكذيبه إياي فقوله : لن يعيدني كما بدأني ، وليس أول الخلق بأهون على من إعادته ، وأما شتمه إياي فقوله إن لي ولداً وأنا الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفؤاً أحد ) . فالله تعالى يدر على عباده الأرزاق المطيع منهم والعاصي ، والعصاة لا يزالون في محاربته وتكذيبه وتكذيب رسله والسعي في إطفاء دينه ، والله تعالى حليم على ما يقولون وما يفعلون ، يتتابعون في الشرور وهو يتابع عليهم النعم وصبره أكمل صبر لأنه عن كمال قدرة وكمال غنى عن الخلق وكمال رحمة وإحسان ، فتبارك الرب الرحيم الذي ليس كمثله شئ الذي يحب الصابرين ويعينهم في كل أمرهم
الرفيق
مأخوذ من قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : ( إن الله رفيق يحب الرفق ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف وما لا يعطي على ما سواه ) . فالله تعالى رفيق في أفعاله ، خلق المخلوقات كلها بالتدريج شيئاً فشيئاً بحسب حكمته ورفقه ، مع أنه قادر على خلقها دفعة واحدة ، وفي لحظة واحدة ، ومن تدبر المخلوقات وتدبر الشرائع كيف يأتي بها شيئاً بعد شئ شاهد من ذلك العجب العجيب ، فالمتأني الذي يأتي الأمور برفق وسكينة ووقار ، اتباعاً لسنن الله في الكون واتباعاً لنبيه صلى الله عليه وسلم . فإن هذا هدية وطريقة تسير له الأمور ، وبالأخص الذي يحتاج إلى أمر الناس ونهيهم وإرشادهم ، فإنه مضطر إلى الرفق واللين ، وكذلك من آذاه الخلق بالأقوال البشعة وصان لسانه عن مشاتمهم ، ودافع عن نفسه برفق ولين ، اندفع عنه من أذاهم ما لا يندفع بمقابلتهم مثل مقالهم وفعالهم ، ومع ذلك فقد كسب الراحة والطمأنينة والرزانة والحلم . والله عز وجل يغيث عباده إذا استغاثوا به سبحانه . فعن أنس بن مالك أن رجلاً دخل المسجد يوم الجمعة .. ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب … ثم قال يا رسول الله .. هلكت الأموال وانقطعت السبل فأدع لنا الله يغيثنا فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه ثم قال : ( اللهم أغثنا .. اللهم أغثنا .. اللهم أغثنا ) فالله عز وجل يغيث عباده في الشدائد والمشقات ، فهو يغيث جميع المخلوقات عندما تتعسر أمورها وتقع في الشدائد والكربات ، يطعم جائعهم ويكسو عريانهم ، ويخلص مكروبهم ، وينزل الغيث عليهم في وقت الضرورة والحاجة ، وكذلك يجب إغاثة اللهفان أي دعاء من دعاء في حالة اللهف والشدة والاضطرار ، فمن استغاثه أغاثه ، وفي الكتاب والسنة من ذكر تفريجه للكربات ، وإزالته الشدائد ، وتيسيره للعسير شئ كثير جداً معروف .